الحزب أضاء “الروشة” وسلام توعّده بالعقاب

مرّت فعالية «حزب الله» بإضاءة صخرة الروشة بصورتي أمينيه العامين الشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين بلا أي إشكالات أمنية، على رغم من الصخب السياسي الذي سبقها ورافقها، والذي قد يكون له لاحقاً بعض المضاعفات على بعض العلاقات السياسية الداخلية، نتيجة اعتراض رئيس الحكومة نواف سلام، واعتباره ما حصل «انقلاباً على الالتزامات الصريحة للجهة المنظّمة وداعميها». وفي خطوة قد تكون اعتكافاً، أُفيد ليلاً انّ سلام ألغى كل مواعيده اليوم في السراي الحكومي بسبب كسر القرار الصادر عنه، وانّه لن يستأنف نشاطه قبل توقيف المسؤولين عن كسر قرار بمنع إنارة صخرة الروشة. كذلك أُفيد انّ النيابة العامة التمييزية طلبت من الأجهزة الأمنية استدعاء المتورطين في إضاءة صخرة الروشة خلافاً لقرار رئيس الحكومة.

ومن جهة ثانية استقبل أمس رئيس ‎مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، النائب ميشال المر، وبحث معه في التطورات السياسية والاوضاع العامة.

إثر انتهاء فعالية «حزب الله» في الروشة أكّد سلام في منشور عبر منصة «إكس»، أنّ «ما جرى اليوم (أمس) في منطقة الروشة يشكّل مخالفة صريحة لمضمون الموافقة الممنوحة من محافظ بيروت لمنظّمي التحرك، والتي نصّت بوضوح على «عدم إنارة صخرة الروشة مطلقاً، لا من البّر ولا من البحر أو من الجو، وعدم بث أي صور ضوئية عليها». وأضاف: «اتصلت بوزراء الداخلية والعدل والدفاع وطلبت منهم اتخاذ الإجراءات المناسبة، بما في ذلك توقيف الفاعلين وإحالتهم إلى التحقيق لينالوا جزاءهم، إنفاذاً للقوانين المرعية الإجراء». وشدّد على أن ما حصل «يشكّل انقلاباً على الالتزامات الصريحة للجهة المنظّمة وداعميها، ويُعتبر سقطة جديدة لها تنعكس سلباً على مصداقيتها في التعاطي مع منطق الدولة ومؤسساتها». وختم: «هذا التصرف المستنكر لن يثنينا عن قرار إعادة بناء دولة القانون والمؤسسات، بل يزيدنا إصراراً على تحقيق هذا الواجب الوطني».

«كان مفتعلاً»

وفي المقابل، قالت مصادر قريبة من «حزب الله» لـ«الجمهورية»، «إنّ مرور احتفالية إضاءة صخرة الروشة من دون حصول أي إشكالات، اكّد أنّ ما حصل قبل هذه الاحتفالية كان مفتعلاً ولا يعبّر عن بيروت الحقيقية، بيروت المقاومة التي سجّلت بطولات في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً خلال الاجتياح عام 1982».

وأكّدت هذه المصادر، أنّ الاحتفالية من حيث الحشد الضخم الذي شهدته، وكان غير متوقع، لم تتعارض مع بيئة بيروت، وقد أُنجزت بكل إنضباط وتنظيم من دون حصول أي إشكالات مع المحيط الذي قال البعض عنه إنّه كان يعارضها.

وأشارت المصادر، إلى «أنّ إضاءة صورة الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع السيد نصرالله فاجأ المنظّمون الحشود بها، وكان المراد منها التأكيد أنّ إسرائيل التي اغتالت السيد نصرالله هي نفسها التي اغتالت الحريري، وأنّ رفيق الحريري شهيد بيروت هو شهيد «حزب الله» تماماً كشهيده السيد نصرالله».

واعتبرت المصادر، أنّه «كان على رئيس الحكومة أن يبادل الجموع ببعض المشاعر التي تليق بالمناسبة، بدل المسارعة إلى إصدار بيان يتوعد فيه بمعاقبة المعنيين بالفعالية». وقالت: «إنّ الذي لم يدركه سلام كمسؤول أدركه الجيش اللبناني الذي احترم مشاعر المحتشدين، وأظهر مسؤولية وأهلية كبيرة في حماية السلم الأهلي». وذكرت «أنّ منظّمي الاحتفالية بذلوا جهوداً كبيرة لمنع إطلاق أي هتافات مستفزة لأي مسؤول أو للبيئة المحيطة، وإنّ الناس كانت تتمنى على رئيس الحكومة أن يبادر إلى ترجمة عشرات الوعود التي أطلقها بدفع تعويضات الإيواء والترميم للمتضررين من الحرب الإسرائيلية على لبنان، بدل أن يبادر إلى إصدار بيان يلوم فيه الذين يحيون ذكرى شهيد سقط دفاعاً عن لبنان وفلسطين».

الفعالية

وكان «حزب الله» أحيا مساء أمس الذكرى الأولى لاستشهاد أمينيه العامين السيدين نصرالله وصفي الدين، بفعالية شعبية حاشدة عند صخرة الروشة، في حضور شخصيات سياسية وحزبية ووفود شعبية ملأت الكورنيش البحري وكل متفرعاته.

وقد انطلقت الفعالية بداية بزوارق بحرية من ميناء الأوزاعي وبعروض موسيقية وإنشادية، تخلّلها عرض ضوئي استثنائي على صخرة الروشة، حيث أُضيئت الصخرة بصور متنوّعة حملت دلالات رمزية وسياسية بارزة، وكان منها صورة تجمع السيد حسن نصرالله ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سعد الحريري. وصورة للشهيد الرئيس رفيق الحريري ونجله سعد الحريري يتوسطهما السيد حسن نصرالله، وصورة للسيدين نصرالله وصفي الدين، وصورة العلم اللبناني. وصورة للسيد نصرالله، وشعار «إنّا على العهد». وتخلّل المناسبة بث مقتطفات من خطابات السيد نصرالله، مردّدة هتافه الشهير «يا أشرف الناس»، فيما علت هتافات المحتشدين في محلة الروشة ومحيطها تشديداً على الاستمرار بخط المقاومة، ولم يخل بعض الهتافات من انتقادات وُجّهت لرئيس الحكومة.

في نيويورك

من جهة ثانية، توقفت مصادر ديبلوماسية عند المناخات المستجدة التي رافقت مشاركة الوفد اللبناني في أنشطة الأمم المتحدة في نيويورك. فقد كان الاهتمام بالرئيس اللبناني والوفد المرافق محدوداً، سواء في مستوى اللقاءات التي عقدها أو في اتساعها، قياساً إلى الاحتضان الذي حظي به الرئيس السوري أحمد الشرع، خصوصاً من الجانب الأميركي. وهذا مؤشر إلى تبدّل عميق في التعاطي مع سوريا، فيما بقي التعاطي مع لبنان محدوداً.

وسألت المصادر عبر «الجمهورية»، عمّا سيعنيه ذلك في لبنان، خلال المرحلة المقبلة، لجهة مدى دعم الأميركيين للحكومة اللبنانية، خصوصاً في المواجهة التي تخوضها في الجنوب لتنفيذ قرار وقف اطلاق النار، على رغم من الموقف الإيجابي المقتضب الذي عبّر عنه وزير الخارجية الاميركية ماركو روبيو تجاه لبنان، خلال لقائه الرئيس عون. وأعربت المصادر عن خشيتها من أن يكون الموقف العميق للإدارة الأميركية تجاه لبنان مشابهاً للموقف الذي أعلنه موفدها توم برّاك قبل أيام، وأبدى فيه عتباً قاسياً على الحكومة اللبنانية، بسبب تراخيها في التعاطي مع ملف سلاح «حزب الله». وهذا ما يمكن أن يمنح إسرائيل فرصة لإطلاق يدها في ممارسة الاعتداءات على لبنان.

وفي موقف جديد، قال برّاك أمس على حسابه عبر منصة «إكس»، إنّ الولايات المتحدة «تواصل دعم مساعي لبنان لإعادة بناء دولته، وتحقيق السلام مع جيرانه، والتوصل إلى تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية الموقّع في تشرين الثاني 2024، بما في ذلك نزع سلاح حزب الله».

وقال مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشؤون الإفريقية مسعد بولس لقناة «الجزيرة»: «إننا أكّدنا دعم الولايات المتحدة للجيش اللبناني إضافة إلى المساعدات السنوية»، معتبرًا «أنّ نزع السلاح وحصره في يد الدولة اللبنانية خط أحمر بالنسبة إلى الولايات المتحدة المتحدة الأميركية». وشدّد على أنّه «يجب نزع السلاح بكامله ليس فقط من يد «حزب الله» بل من كل المنظمات وفي كل أنحاء لبنان».

“الجمهورية”

عن grenadine