يرى بعض الناس في الغراب نذير شؤم، لكنهم يغفلون عن أن غراب البندق (كيخن)، ذاك الطائر الفريد،
هو الوحيد الذي يجمع بذور أشجار الصنوبر، وخاصة اللزاب، ويخبّئها في باطن الأرض، ليعود إليها حين يجوع… لكنه لا يعود إليها جميعاً.
فيغدو ناسياً لبعضها، وتغدو هي بذوراً تنبت، وتنمو أشجاراً شامخة، تردّ له الجميل، وتغني البيئة بالحياة.
إنها علاقة تعايشٍ نبيلة، بين طائرٍ لا يعيش إلا بحكمة الطبيعة، وشجرةٍ لا تستمر إلا بعادته التي تبدو عفوية.
يعتمد كلٌّ منهما على الآخر… ليبقى.
وكذلك نحن البشر،
نحتاج بعضنا بعضاً لنستمر،
لنزهر، رغم كل ما قد يكون.
فحين ترميك الحياة في غير موضعك،
أزهر… أزهر بحب.
دع عبيرك ينتشر في الأرجاء، فكيفما وقعت، ستفوح رائحتك الزكية،
حتى وإن كان سقوطك في البئر،
كما حدث ليوسف…
فقد خرج من ظلمته، مثالاً للنقاء في وجه الأرض.